السبت، 4 أكتوبر 2014

موقف الصديق والفاروق من محاصرة بني هاشم في شعب ابي طالب

موقف الصديق والفاروق من محاصرة النبي وبني هاشم في شعب أبي طالب
 
إن التاريخ يخبرنا بأن قريش طردت بني هاشم والمؤمنين بالنبي في أوائل الدعوة من مكة إلى شعاب أبي طالب حيث بقوا لثلاث سنين هناك يعانونالصعوبات .. أين كان أبو بكر وعمر خلال تلك الفترة إذا ما فرضنا أنهم من أوائل المسلمين كما يدعي مخالفي مذهب أهل البيت ؟
لِمَ لم يطردوا مع من طرد وخصوصا إذا عرفنا أن أبا بكر وعمر من قبيلتي تيم وعدي الصغيرتين اللتان لا وزن لهما أمام قبيلة بني هاشم المطرودة !
إذا كانوا في مكة فلما لم يقدما للنبي المساعدة يومها ؟
وإذا كانا لا يستطيعان الوصول إلى شعب أبي طالب فهل هناك أي دليل تاريخي يثبت أنهما قدما شيئا للمسلمين بطريقه أو بأخرى في تلك الأيام وخصوصا أن قريش منعت التعامل والتزاوج مع النبي وبني هاشم .
الردّ :
 أولاً : أهل السنة لا يُعتَبرون من مُخالِفي آل البيت ، بل هم من موافقيهم .
وتقدّم قبل قليل أن مسند الإمام عليّ رضي الله عنه أكثر من مُسند ثلاثة من الخلفاء قبله .
ثانياً : كان هذا الحصار الآثم الظالِم ضد بني هاشِم وبني المطّلب .
قال الإمام البيهقي : وحين بُعِث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة آذاه قومه وهَمُّوا به فقامت بنو هاشم وبنو المطلب مسلمهم وكافرهم دونه ، وأبوا أن يُسْلِموه ، فلما عرفت قريش أن لا سبيل إلى محمد صلى الله عليه وسلم معهم اجتمعوا على أن يكتبوا فيما بينهم على بني هاشم وبني المطلب أن لا يُنكحوهم ولا يَنكحوا إليهم ، ولا يبايعوهم ولا يبتاعوا منهم ، وعمد أبو طالب فأدخلهم الشعب شعب أبي طالب في ناحية من مكة ، وأقامت قريش على ذلك من أمرهم في بني هاشم وبني المطلب سنتين أو ثلاثا .
وهذا الحصار كان بعد قوّة الإسلام وفُشوّه وانتشاره .
وكان ذلك بعد إسلام حمزة رضي الله عنه وبعد إسلام عُمر رضي الله عنه .
قال الإمام ابن كثير : وقال ابن هشام عن زياد عن محمد بن اسحاق : فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا بلداً أصابوا منه أمناً وقرارا ، وأن النجاشي قد منع من لجأ إليه منهم ، وأن عُمَر قد أسلم فكان هو وحمزة مع رسول الله وأصحابه ، وجعل الإسلام يفشو في القبائل ، فاجتمعوا وائتمروا على أن يَكتبوا كتابا يَتعاقدون فيه على بني هاشم وبني عبد المطلب على أن لا ينكحوا إليهم ولا يُنكحوهم ، ولا يَبيعوهم شيئا ولا يَبتاعوا منهم . اه . 
وهذا يدل على تَقدّم إسلام عُمر رضي الله عنه .
بل كان عُمر رضي الله عنه من أسباب قوّة المسلمين .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : ما زلنا أعِزّة منذ أسلم عمر . رواه البخاري .
وأما إسلام أبي بكر فلا يشك عاقل مُنصِف أنه أول من أسلم من الرِّجال .
 وكان أبو بكر رضي الله عنه يَدفَع عن النبي صلى الله عليه وسلم ويُدافِع عنه ما استطاع .
روى البخاري من طريق عروة بن الزبير قال : سألت عبد الله بن عمرو عن أشدّ ما صَنَعَ المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا ، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ، وقد جاءكم بالبينات من ربكم ؟
ثالثاً : أبو بكر رضي الله عنه عانَى كما عانى غيره في تلك الفترة ، بل لعله عانّى أشدّ مُعاناة .
ويدل على ذلك أنه لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر رضي الله عنه مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدّغِنة وهو سيد القارة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يَخرج ولا يُخرج ، فإنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكَلّ ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فأنا لك جار . فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة ، فرجع مع أبي بكر ، فطاف في أشراف كفار قريش ، فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج . أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويَقري الضيف ، ويعين على نوائب  الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة ، وآمنوا أبا بكر ، وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره ، فليصل ، وليقرأ ما شاء ، ولا يؤذينا بذلك ، ولا يستعلن به . فإنا قد خشينا أن يَفْتِنَ أبناءنا ونساءنا . قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يُعجبون وينظرون إليه ، وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن ، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة ، فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره ، وإنه جاوز ذلك ، فابتنى  مسجدا بفناء داره ، وأعلن الصلاة والقراءة ، وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأتِه فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في  داره فعل ، وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يردَّ إليك ذمتك فإنّا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرّين لأبي بكرٍ الاستعلان . قالت عائشة : فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه ، فإما أن تقتصر على ذلك ، وإما أن ترد إلي ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أُخفِرت في رجل عقدت له . قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك  وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .
وَتعرّض أبو بكر رضي الله عنه لأشدّ أنواع التعذيب حتى شارَف على الهلاك .
قال ابن كثير : وقام أبو بكر في الناس خطيبا ورسول الله جالس ، فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله ، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضُرِبوا في نواحي المسجد ضربا شديدا ، ووُطِئ أبو بكر وضُرِب ضربا شديدا ، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه ، ونَزَا على بطن أبي بكر حتى ما يُعرف وجهه من أنفه ، وجاء بنو تَيم يتعادون فأجْلَت المشركين عن أبي بكر ، وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه مَنْزِله ولا يَشُكُّون في موته ، ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد ، وقالوا : والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة ، فرجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب فتكلم آخر النهار ، فقال : ما فعل رسول الله ؟ فمسُّوا منه بألسنتهم وعَذَلُوه ، ثم قاموا ، وقالوا لأُمِّه أم الخير : انظري أن تطعميه شيئا ، أو تسقيه إياه . فلما خَلَتْ به ألَحَّتْ عليه ، وجعل يقول : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : والله مالي علم بصاحبك . فقال : اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه . فَخَرَجَتْ حتى جاءت أم جميل فقالت : إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله . فقالت : ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله ، وإن كنت تُحبِّين أن أذهب معك إلى ابنك ؟ قالت : نعم . فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا دَنِفَاً ، فَدَنَتْ أم جميل وأعلنت بالصِّياح ، وقالت : والله إن قوما نالوا هذا منك لأهل فِسْق وكُفر ، وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم . قال : فما فعل رسول الله ؟ قالت : هذه أمك تسمع . قال : فلا شيء عليك منها . قالت : سالِم صَالِح . قال : أين هو ؟ قالت : في دار ابن الأرقم . قال : فان لله عَليَّ أن لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله . فامْهَلَتَا حتى إذا هدأت الرِّجْل وسكن الناس ، خرجتا به يتكئ عليهما حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فأكب عليه رسول الله فَقَبَّلَه ، وأكبّ عليه المسلمون ورَقَّ له رسول الله رِقَّةً شديدة ، فقال أبو بكر : بأبي وأمي يا رسول الله ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي بَرَّة بولدها ، وأنت مبارك فادعها إلى الله ، وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار . قال : فدعا لها رسول الله ودعاها إلى الله ، فأسْلَمَتْ ، وأقاموا مع رسول الله في الدار شهرا ، وهم تسعة وثلاثون رجلا ، وقد كان حمزة بن عبد المطلب أسلم يوم ضُرِب أبو بكر ، ودعا رسول الله لعمر بن الخطاب أوْ لأبي جهل بن هشام ، فأصبح عمر ، وكانت الدعوة يوم الأربعاء فأسْلَمَ عُمر يوم الخميس ، فَكَبَّر رسول الله وأهل البيت تكبيرة سُمِعَتْ بأعلى مكة .
فقول الرافضي : ( لِمَ لم يطردوا مع من طرد وخصوصا إذا عرفنا أن أبا بكر وعمر من قبيلتي تيم وعدي الصغيرتين اللتان لا وزن لهما أمام قبيلة بني هاشم المطرودة ! )
فالجواب عنه أن المقاطعة كانت لبني هاشم وبني المطّلب ، كما تقدّم .
كما أن قبيلة تيم ( قبيلة أبي بكر ) ليست كما وَصَف الرافضي ( لا وَزن لها ) بل لها وَزن حتى أنها هَدّدتْ عند تعذيب أبي بكر رضي الله عنه بِقَتْل عُتبة بن ربيعة ، ومن هو عُتبة ؟
إلا أن قوّة قريش وجبروتها وسطوتها ومكانتها عند العَرَب بالإضافة إلى قرابتها ببني هاشم وبني المطّلب جَعَلت الناس يُحجِمون عن مدّ يد المساعدة لبني هاشم وبني عبد المطّلب حينما حُصِروا .
وقد عَلِمتَ أن أبا بكر رضي الله عنه تعرّض للتعذيب من قِبَل بعض صناديد قريش ، وتعرّض للمضايقة حتى همّ بالخروج من مكة حتى ردّه ابن الدّغنة .
يقول الدكتور مهدي رزق الله : ونَالَ أبا بكر رضي الله عنه نصيبه من الأذى ، حتى فكّر في الهجرة إلى الحبشة فراراً بِدِينِه . اه . 
كما أن تلك المقاطَعة ليس فيها تفاصيل دقيقة إذ لم تكن العَرَب تُعنى بالتوثيق والكتابة والتقييد للأحداث .
يقول الدكتور مهدي رزق الله : لم يَرِد ذِكر هذه المقاطَعة بتفصيل في الصِّحاح . اه . 
وأنت لو تأمّلت في كتاب الله فضلا عن السنة لوجدّتَ كثيرا من الأحداث لا يَرد لها تفاصيل دقيقة .
فَعَلى سبيل المثال قصة يوسف عليه الصلاة والسلام ، وقد لبِث في السجن بِضع سنين ، ومع ذلك لم يَرِد تفاصيل ماذا عمِل في تلك السنوات .
بل في قصة نوح عليه الصلاة والسلام وقد لبِثَ في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، لم يَرد ذِكر تفاصيل ماذا عمِل في تلك السنين ، والفائدة حاصلة في الإشارة ، والعِبْرَة مُتحقّقة بسياق هذا القَدْر من قصّته .
فالذي يَطلب تفاصيل دقيقة لما حَدَث في سنوات تلك المقاطَعة لن يجد تلك التفاصيل الدقيقة ، بحيث تتناول ماذا عمِل فلان وماذا قال فلان .
وبقي أن نُذكِّر القارئ الكريم المنصف بشيء من فضائل أبي بكر رضي الله عنه .
فإنه قدَّم نفسه وماله في سبيل الله ، وفي سبيل نُصرة رسول الله وحمايته .
ولذا حفِظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الصَّنِيع .
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بِخِرْقَة ، فقعد على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنه ليس من الناس أحد أمَنّ عليَّ في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن خلة الإسلام أفضل ، سُدُّوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر .
وهذا فيه إشارة في آخر حياته صلى الله عليه وسلم إلى فضل أبي بكر مع ما تقدّم من صريح العبارة في رضاه صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر ، وأمره له أن يَؤمّ الناس .
ولما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى المدينة أتى إلى أبي بكر رضي الله عنه ظُهراً ، ولم يأتِ إلى غيره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : أشعرت أنه قد أُذِن لي في الخروج ؟ قال أبو بكر : الصحبة يا رسول الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصحبة . قال : يا رسول الله إن عندي ناقتين أعددتهما للخروج ، فَخُذ إحداهما . قال : قد أخذتها بالثمن . رواه البخاري .
وتقدّم أن أبا بكر لما خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة احتمل أبو بكر ماله كله معه خمسة آلاف ، أو ستة آلاف درهم ، فانطلق بها معه .
ولما حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة وأمر بها ، جاء أبو بكر رضي الله عنه بمالِه كلّه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله رواه أبو داود والترمذي .
ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم :  من أنفق زوجين في سبيل الله نُودي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة . فقال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي وأمي يا رسول الله ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدْعَى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم . رواه البخاري ومسلم .
ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟ قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا . قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا . قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا . قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا . قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا . قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرئ إلاَّ دَخَل الجنة . رواه مسلم .
قال ابن حجر في افصابة : وأخرج أبو داود في الزهد بسند صحيح عن هشام بن عروة أخبرني أبي قال : أسلم أبو بكر وله أربعون ألف درهم . قال عروة : وأخبرتني عائشة أنه مات وما ترك دينارا ولا درهما .
وقال يعقوب بن سفيان في تاريخه : حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا هشام عن أبيه : أسلم أبو بكر وله أربعون ألفا ، فأنفقها في سبيل الله ، وأعتق سبعة كلهم يعذب في الله ؛ أعتق بلالا وعامر بن فهيرة وزنيرة والنهدية وابنتها وجارية بني المؤمل وأم عبيس .
وقال الحافظ :
ومن أعظم مناقبه قول الله تعالى : ( إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) فإن المراد بصاحبه أبو بكر بلا نزاع ، إذ لا يعترض لأنه لم يتعين ، لأنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة عامر بن فهيرة وعبد الله بن أبي بكر وعبد الله بن أريقط الدليل ، لأنا نقول : لم يصحبه في الغار سوى أبي بكر ، لأن عبد الله بن أبي بكر استمر بمكة وكذا عامر بن فهيرة ، وإن كان ترددهم إليهما مدة لبثهما في الغار استمرت لعبد الله من أجل الإخبار بما وقع بعدهما ، وعامر بسبب ما يقوم بغذائهما من الشياه ، والدليل لم يصحبهما إلا من الغار ، وكان على دين قومه مع ذلك كما في نفس الخبر ، وقد قيل إنه أسلم بعد ذلك . وثبت في الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وهما في الغار : ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ والأحاديث في كونه كان معه في الغار كثيرة شهيرة ، ولم يشركه في هذه المنقبة غيره . اه . 
وروى الإمام أحمد والحاكم – وصححه –  عن عليّ رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر : مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال ويكون في الصف .
وروى البخاري ومسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل . قال : فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : فقلت : من الرجال ؟ فقال : أبوها . قلت : ثم من ؟ قال : عمر بن الخطاب . فَعَدَّ رجالا .
 وهذه إشارات لفضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وقد أطال ابن عساكر في تاريخ دمشق في ذِكر فضائله رضي الله عنه .
 والله تعالى أعلم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.